الشاعر التونسي بشير الشيحي
حوار مع ضيف الأسبوع:
الشاعر التونسي
الأستاذ البشير الشيحي
بعد كلّ التغييّرات التي طرأت على الخارطة السيّاسيّة للبلدان العربيّة التي اجتاحها الربيع العربيّ تحتم علينا أن نقف عند موضوع بالغ الأهميّة حول تأثيرات هذا الربيع وما أتى به من تغييرات على واقع حال ومستقبل المرأة العربيّة بشكل عام والأديبة المثقفة بشكل خاص .لما تمثله المرأة المثقفة من قيمة للتوازن بين كفتي المجتمع العربي المتمثلتين بكفة المجتمع الذكري والمجتمع الأنثوي. ولقد وجدنا من محتمات هذه المرحلة الدقيقة من التغيير أن نتحاور مع من سنستضيفهم في برنامجنا (الحوار الأنيق ) حول هذا الموضوع حوارا نأمل أن نرسم من خلاله ملامح الشخصيّة للمرأة العربيّة المثقفة والأديبة العربيّة بوجه الخصوص . فأهلا ومرحبا بكم قراءنا الأفاضل وباسمكم نرحب بضيفنا للحلقة الثانية من جولتنا الثانيّة من برنامج (الحوار الأنيق)
*نود أولا أن نعرف للأخوة القراء ضيفنا الكريمبسطور فنقول : *نتوجهإليكم ضيفنا الكريم
أوّلا: شكرا لك , فهذا اللّقاء في مصافحة الحوار الأنيق يفتح لنا نافذة للإفصاح عن آرائنا, مشاغلنا وأحلامنا.
البشير الشّيحي أستاذ أوّل اختصاص عربيّة متخرّج من كليّة الآداب بمنّوبة, شاعر وكاتب له رواية وديوان شعر ينتظران النّشر , يكتب أيضا المسرحيات والنّصوص الأدبيّة والأغاني له أيضا تجارب في كتابة السّيناريو من خلال الاهتمام بصياغة قواعد اللّغة العربيّة دراميّا وتبسيطها للأطفال في الوطن العربيّ , عضو ناشط في البيت الثّقافي العراقي وصالون الزّوراء الأدبي بمساكن, ينشر انتاجه في الصّفحات الابداعيّة في الفيس بوك.يعيش بنبض الكلمات ويروى أحلامه بعطر الحروف,
-ثانيا : بالنّسبة إلى سؤالك الهام أرى أنّ ماحصل في وطننا العربي من ثورات مثّل محطّة هامة في تاريخ المسار الانتقالي, من سيادة الفرد وتسلّط أرباب الحكم إلى سيادة صوت الشّعب , لكن هذه السّيادة كانت في شكل انتفاضة سرعان ما تربّع على عرشها أهل السّياسة وأعني بذلك الأحزاب وافتكّوا حلم الشّعوب العربيّة لممارسة قهر من نوع آخر , لذلك لم تحقّق هذه الثّورات تطلّعات الشّعوب ولم تكن النّخب السّياسيّة وفيّة لما نادت به إبّان تلك الثّورات من , حريّة ناجعة, عدالة انتقاليّة محاسبة عادلة واهتمام بهمّ جماعي من فقر وبطالة وتشغيل, وتنمية وثقافة. وأصبح همّهم الرئيسيّ منصبا مثقوبا بأنانيّة مفرطة وجشع مقيت. * الإرباك السيّاسي واقتحام ساحات التغيير من قبل الأحزاب الدينيّة والصراع على السلطة بين اليمين واليسار في معظم الدول العربيّة التي اجتاحها الربيع العربي قد ترك تأثيرات كبيرة على كلّ مفاصل الحياة فيها . ومن الحريّ بنا هنا كمثقفين وأدباء أن نقف عند مفصل مهم من مفاصل حياة الشعوب إلاّ وهو مفصل الثقافة والأدب وخاصة عند المرأة العربيّة التي كانت تأمل من واقع هذا الربيع فسحة اكبر للحريّة للتعبير عن واقعها ولإثبات وجودها في ساحة تكاد تخلو من أيّ نشاط وفاعليّة تذكر إزاء ما يمثله تواجد الرجل العربي ونشاطه فيها.
فهل يرى ضيفي الكريم بأنّ هذا الربيع وما أتى به من تغييرات قد منح المرأة العربيّة هذه الفرصة فعلا ؟ وهل أنّ دور المرأة قد انتهى في النضال من أجل الحصول على الحريّة واثبات الوجود على هذه الساحة فيما إذا كان هذا الربيع قد أخفق في أن تنال ما كانت تصبو إليه.؟
- إنّ هذا الاختلاف الفكريّ والسّياسيّ والحزبي أثّر في المثقّفين حسب رأيي وقد تخلّى بعضهم عن مهمّتهم القياديّة التّوعويّة الوطنيّة وانخرطوا فعلا في هذا التّسابق نحو الكراسي وهناك من ارتدى جبّة حزبه ولم يعد يمارس التّفكير السّياسي, ذلك أنّه يوجد فرق بين السّياسي والحزبي. إنّ التّفكير السّياسي هو ممارسة الوعي والتّفكير في الواقع الاقتصادي , الثّقافي , الاجتماعي.. بينما التّفكير الحزبي هو تقوقع في أوامر الأحزاب. وبالنّسبة الى المرأة أرى أنّها كانت مساهمة في جميع الثّورات التيّ عاشتها المنطقة العربيّة , وكانت صادقة , راغبة في الإصلاح وودّت الخلاص من رؤية قديمة ترى المرأة شكلا, ووظيفة جامدة لذلك انخرطت بوعي جامح في مسار الحركات الثّوريّة علما وأنّ للمرأة العربيّة تاريخا حافلا بالمواقف الوطنيّة , والقوميّة والإنتاج الثّقافي الإبداعي كفدوى طوقان, عزيزة عثمانة , جميلة بوحيدر. وستبقى المرأة مناضلة دائما أمّا وزوجة , أديبة وعالمة ناشطة حقوقيّة , مفكّرة وإعلامية , في كلّ الإنتاج الإنساني الإبداعي.
*الربيع العربي واقع تغيير إلى الأفضل.... هذا ما كان يفترض به أن يكون ....فإن لم يكن كذلك فعلى الشعوب أن تعيد حساباتها فيه وأن تعدّل من مساراتها لأدراك الهدف السّامي منه.
ما تقييمكم للساحة الأدبيّة النسويّة في ظلّ ما حصل من تغييرات وهل كان للمستقبل المعيش بعد التغيير علامات ودلالات فارقة تطور ما أو تراجع ما وخاصة ونحن نتعامل مع كافة دول المحيط العربي تعالما يوميا مباشرا من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وهذا ما يساعدنا حتما على تكوين صورة يومية عن واقع حال أي جانب من جوانب الحياة؟
الواقع العربيّ لم يتغيّر فعليّا إلى الأفضل بل هو يروم الأفضل في كل مجالات الإصلاح , و هذه العمليّة هذه تتطلّب عديد البرامج العمليّة وتوحيد الجهود والرّؤى دون تعصّب مفرط أوذاتيّة فاشلة والمرأة العربيّة تسعى في مجال الكتابة والإبداع إلى نحت تصوّرات صادقة , إلى الانخراط العمليّ في المشروع الحضاريّ رغم مشاغلها ونحن نراها تساهم مساهمة هامة لإثراء المشهد الإبداعي في مجالات الشّعر, القصّة الرّسم , المسرح أعني في كل الفنون الرّاقية فهي ملتزمة بهذا الدّور بل نجدها تحفّز همم الآخرين لا همّ لها سوى تأسيس فضاء حرّ هادف وجميل دون غايات أخرى. *لو افترضنا بأنّ المرأة العربيّة لم تنل مبتغاها ولم يحقق الربيع العربي لها أهدافها في إثبات شرعيّة وجودها وربمّا قيادتها بما تستحق لمفصل من مفاصل الحياة وخاصة في الجانب الفكري والثقافي والأدبي
فهل يرى ضيفنا الكريم بأن الرجل العربي سيشعر بشيء من النصر بما عرف عنه وعن تركيبته كرجل عربيّ .أم أنّ ضيفنا يرى بأن الرجل العربي قد تحرر فعلا من داء (الأنا) ويمكن أن يكون مع المرأة صفا واحدا بالنضال حتى تحصل المرأة على ما تصبو إليه من خلال التغيير؟
بين المرأة والرّجل يوجد تكامل وظيفيّ وتناغم فكريّ شعوريّ ومن يرى من الرّجال أنّه مختصّ بسيادة الكون فقد أخطأ ولا يمكنه أن يفهم الواقع . إنّ الرّجل العربيّ مهما كانت شخصيته والخلفيّة التي يستند إليها وجب أن يكون مع المرأة في مسار تحقيق الأهداف و الاضطلاع بالدّور الثنائيّ النّبيل لأن المرأة سيّدتي هي النّبض الذّي يمنحنا طاقة الاستمرار وجماليّة الفعل.
* هنالك قول شائع بأنّ (وراء كلّ رجل عظيم امرأة عظيمة) فهل يؤمن ضيفي الكريم برغم شيوع هذا القول والأخذ به من قبل أغلب المجتمعات في العالم بحقيقة هذا القول ؟ وهل يمكننا بالأخذ به معكوسا مع الأخذ به بصورته الحقيقية (وراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم) ؟ وهل لضيفنا الكريم أن كان قانعا طرحناه عليه أن يضرب لنا مثلا من واقع ما حصل من تغييرات على الساحة العربية واقعا ما يثبت تلك القناعة أو الأيمان بها؟
العظمة لا تكون من فراغ والنّجاح لا يكون فرديّا .فالرّجل والمرأة , أو المرأة والرّجل يحتاجان إلى بعضهما , يتكاملان, يتناغمان في رحاب تواصل عاطفيّ وفكريّ إضافة إلى المشاركة والتّشارك في نحت نجاحات ثنائيّة عائليّة أو اجتماعيّة أو إبداعيّة ويمثّل كلاهما طاقة تحفيزيّة للآخر. هما يمثّلان سيادة الكون والإنسان لمّا كان خليفة في الأرض لم يفصل اللّه بين الرّجل والمرأة لذا وجب أن تكون المقولة :المرأة والرّجل يصنعان العظمة:
*هل لضيفنا الكريم من كلمة أخيرة للقراء الأعزاء اللذين يتابعون مشكورين حلقتنا هذه ؟ ولبرنامجنا (الحوار الأنيق) من شهادة نعتزّ بها ونجلّها؟
كلمتي للقرّاء هي أن أدعوهم بكلّ ودّ وحميميّة إلى تأسيس حوار جادّ, إلى احترام الآخر مهما اختلفنا معه, إلى السّعي دائما كي نرسم مشهدا ثقافيّا إبداعيّا نميّز فيه بين الجودة والرّداءة ونبتعد عن المجاملات التيّ تكون عنصر هدم أحيانا, أدعوهم أيضا إلى تبادل عراجين الحبّ, إلى حبّ الأرض والجمال , إلى الكتابة فبها نقهر العدم وننهض من المآسي حالمين.
*في الختام لايسعنا الا أن نتقدم باسمنا وباسم مجلتنا
(مجلة رابطة أدباء المرفأ الأخير ) ومجلة (معارج الفكر) بوافر الشكر والتقدير وتمنياتنا بالتّوفيق.
الشاعرة والروائية عفاف السمعلي معدة ومحررة برنامج الحوار الأنيق.
تونس في 23نوفمبر 2013
==========================
ورودي لكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق