الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

مبدعون من كل مكان: قراءة في رواية "حنين" للشاعرة والروائية التونسية عفاف السمعلي بقلم الشاعر السوري الأستاذ زهير شيخ تراب

الشاعر السوري زهير شيخ تراب


وصلتنا قبل قليل عبر بريد رابطة أدباء المرفأ الأخير قراءة جديدة برواية (حنين)للشاعرة والروائية التونسيّة عفاف السمعلي.
بقلم الشاعر السوري القدير (زهير شيخ تراب) جاء فيها.


قلم ثرٌّ , ولغة سيالة, وتعابير شاعرية, وأفكار متدفقة, ومشاعر متأججة, وأحاسيس فياضة, ووصف داخلي  وامتزاج حتى الذوبان في شخوص القصة.   وامتلاك للأدوات التعبيرية كل أناقة وتمكن.
هذه الملامح التي قرأتها في (حنين) وهي قصة خرجت من رحم أجناس أدبية عدة تمازجت فيها جميعاً . فلا تكاد تلمح مقومات تنحاز إلى نوع ما يميزها عن غير من الفنون الكتابية. فاختلط الحدث بالسرد . وتداخلت الحكاية بالوصف. وذابت العقدة في ثنايا الإيحاء. وامتزج الحوار بالمنولوج.
لم أشأ أن أكتب نصاً نقدياً على شكل مقالة أو دراسة . لكنني أجمل ما أريد قوله في عدة بنود رأيتها بارزة في رواية (حنين) أوردها كما هي دون تصنيف او ترتيب, عسى أن أنصف الرواية, وأعطيها  حقها مما تستحق من اهتمام وهي كذلك, أما صاحبة الرواية فلها كل التحيا لما قدمته في هذه الرواية من جهد وإثراء لفن الكتابة الأدبية بحسن الديباجة ورقي المعنى.
وهذه بعض الأفكار أرجو وان أكون مصيباً بما نحوت إليه:
-        نفس طويل في رسم التفاصيل الدقيقة . وإسهاب في الوصف يأخذك بعيدأ حتى تكاد تغرق في الكلمات الدافئة وبتبحر بعيداً عن الحدث . ثم تعود فجأة لتد نفسك قد انتقلت إلى مفصل جديد من الرواية بأحداثها المتتالية. وقد تختفي الأحداث في ثنايا القصة فلا تكاد تفرق بين الحدث وشطحات الخيال إلا بعد أن توغل في مشهد جديد
-        غوص في أعماق الشعور وتوغل في أحاسيس الشخصية لتُخرج مكنوناتِها دون وجل من افتضاح سر او شيوع خبر
-        أخذت من الشعر ديباجته الرفيعة ومن القصة القصيرة رشاقة العبارة وتراكض الحروف, ومن الخاطرة بوحها. وأوغلت في السرد حتى ظننتها لن تنتهي وعبرت عن المشاعر بحديث النجوى وكأنها تعيش في سراديب الذات ليغرق القارئ بين الشخصية وروحها . وأخذت من القصيدة النثرية نزوعها إلى الرمزية , واستحضار الأساطير دون التوغل في حيثياتها. فبدت مولعة بالأسطورة فأتت بها في غير مكان من سيزيف إلى افرد وت وغير ذلك كثير
-         لم تستطع أن تغادر روحها الشاعرية بل نزوعها إلى القصيدة فكانت كل حين ترسم عباراتها على موسيقا شعرية رتيبة وأرسلت قوافيها العذبة في ثنايا النثر الشاعري, وكذلك دأب الشعراء إن انثروا كتابةً.

-        تسللت إلى المكان بوصف رائع لا يدع مجالا للتخيّل إلا برومانسية العاشق . وتتسع به لتنقلك من مكان إلى آخر دون إن تبرح ذاك الكرسي على الشرفة المبتهجة بأزاهيرها.وهي ترسم صورا حية عن تفاصيل الأمكنة دون أن تحدها بحدود المباشرة أو الوضوح, فقد مزجت وصفها بما يمور في نفسها من نظرة شاعرية تعكس تفاؤلاً جميلا لإنسان حالم يحلق في خياله رغم معاناة الشخصيات في الحدث . فهي ترسم طبيعة خلابة وأشعة ذهبية وتشممك عبق الياسمين الحي. وتسمعك الحان الطبيعة الخلابة, إلى جانب الشعور بالعجز عن الإفصاح والبوح عن مكنونات الشخصية( شمس) التي يرهقها إفراغ أشجانها على ورق القصيدة
-        لم تتكلم بلسان شخوصها ولكنها تحدثت بضمير الغائب كأنها ترقب عن بعد وهي في خضم الحدث.
-        وتضوع من حروفها رياحين العشق الأبدي للوطن وانسياح نفسها في تلابيب ذلك العشق حتى صارت أوجاعه جزءاً من آلامها, يظهر هذا جليا على لسان بطلة القصة
-        تدير حوارات رائعة دون إن تنبس ببنت شفة في منولوجات تعكس عمق الجمال الداخلي للشخوص. وكأن لغة العيون قد أتقنتها مقل العشاق بخفر مستحب . ولا تتوانى عن الإتيان بلغة عفوية عامية لتكمل المشهد بما يليق به من رسم ملامح الشخصية.
-        لقد جعلت التناص جزءا لا يمكن فصله عن جسم الحواريات التي درجت على ألسن الشخوص واتخذت من كلمات نزار قباني ما أضفى على الحديث شاعرية عفوية, وكأن كاظم الساهر بين الحبيبين يرتل كلمات نزار تميمة في أذني شمس وقمر.
-        تقف في الصف الأول المدافعة عن قضايا المرأة عامة والعربية خاصة وتجعل من المناضلات رموزا عامة لمأساة المرأة المقهورة في وطن هو بحد ذاته مقهور. تعترض على نظرة الرجل للمرأة على أنها سلعة جنسية وترفض تعدد الزوجات!! وترفض القوانين المعبأة في اطر ضيقة تفتقد إلى الروح.
-        أفكارها سلسلة من التداعيات تذهب بعيدا في تعرجات متداخلة بين الحق والواجب. وبين الهم الشخصي والوطني, تطرح الأفكار بجرأة . وتدافع عن قناعاتها بنزق, وتنكفئ حين لا تجد مجارات لها إلى داخلها لتقنع نفسها أنها على حق وتغضب لمعارضتها . تمقت التعصب والرجعية. وتجنح إلى التغيير للأفضل . لا تثنيها الانتكاسات عن المضي قدما لتقرر ثقافة الصمود في وجه كل دخيل, يريد اغتصاب خيراتنا تدافع عن القضية الأم ضد الاستعمار وتتمسك باللغة الأم العربية . تدعو إلى الغد الأفضل . رغم تناقضات الأفكار مع من تحب إلا أنهما يجتمعان على حب الوطن والتضحية من أجله.
عفاف السمعلي أديبة وشاعرة أنيقة في حرفها فياضة في مشاعرها, عنيدة في حبها لوطنها, تمتلك الرؤى كما تمتلك اللغة .
تلك هي قراءتي المتواضعة لعمل ادبي فني يستحق التقدير وتستحق عفاف كل التحايا لهذا العمل الرائع.
الشاعر زهير شيخ تراب – سوريا -
=======================


وردي لكم "عفاف"




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...