مقالات ملفقة (23\2) خبرني يا طير
تعتبر نشرات الأخبار التي تبثها الفضائيات الكثيرة والمختلفة، الشاغل الأهم للكثير من الجماهير التي تتابع الأحداث المتسارعة، على مدار الساعة في جنبات الكون, وكثيراً ما تترك من الأثر السيء بما تبثه من شائعات مُغرضة في الأزمات والحروب، تسبب في هبوط المعنويات لدى الناس المتأثرين، والذين هم على مساس مباشر بهذه الأحداث، هذه الحرب النفسية التي يستخدمها العدو، بهدف تحطيم النفوس من الداخل والاستسلام.
و للمتأمل في كلمة [ خَبَرْ ] ذات المصدر الثلاثي، فقد يستمتع في الإبحار في المعاني العظيمة والجليلة، والمتمثلة في حياتنا جميعاً. حيث يعتبر ( الخَبَر) مفرد الأخبار على الإطلاق، سواء كانت جيدة أم سيئة، وقد أصبح هناك من الخبراء في صياغة الأخبار بما يخدم أهداف المؤسسات، وأجندات مُمَوِّليها سواء كانت داخلية أم خارجية.
و يكون مَنْ ( أَخْبَرَ ) بكذا, و ( خَبّرَه ) بمعنى ( الاستخبار) وهو السؤال عن الخبر, لم يتوقف المعنى عند السؤال فقط، ولكن من هذا المعنى نرى أن أجهزة الاستخبارات والمخابرات في كل بلدان العالم [ الحكومات الخفيّة]، تقوم بالتجسس على مواطنيها وخاصة المعارضين لسياسات دولهم وأنظمتهم، حتى وإن كان ذلك ضمن القوانين والدساتير الناظمة للحالة الديمقراطية، بينما الأمر يختلف في الأنظمة الدكتاتورية التي تكون تلك الأجهزة قمعية بوحشية غير مسبوقة من الظلم والسجن والقتل و السّحل والتدمير، كما نرى في معظم دول العالم الثالث, وتتخذ هذه الأجهزة من المخبرين السريّين المرتبطين بها أداة لمراقبة مواطنيها على مدار الساعة، ومنها من تركت العدو يسرح ويمرح، وكثيراً ما يكون هؤلاء المخبرين من فاقدي الضمير، والانتهازيين، والحثالة، الذي يلفقون التُّهم الكاذبة لأهلهم وجيرانهم وأبناء بلدتهم. وعلينا إمعان النظر والتأمل، بين كلمتي ( المُخْبِرْ ) بمعناها الحالي المألوف لدينا ذات الصيت و الصدى السيء في نفوسنا , وبين كلمة( المَخْبَرْ) ولأهمية الحركات الإعرابية في تبيان المقصد الذي ننوي الوصول إليه، إذ تعني الكلمة الاخيرة أنها هي الجوهر والأصل.
و لا زالت نفوسنا تتحسر على سقوط العراق الذي وقع فريسة بين أنياب لجنة خبراء وكالة الطاقة النووية الذين كذبوا الكِذبة وصدّقوها, وضاع العراق ضحية لكذبهم، بعد أن أوهموا العالم أجمع، وعلى مدار سنين بالخطر العالمي للنظام العراقي آنذاك على العالم .. وكان .. ما مكان ..!!!!... والخبراء هم المتخصصون في مجالاتهم العلمية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والفنية، وينسحب ذلك على كل شؤون الحياة العامة المختلفة.
و أصبحت مخابر تحليل الدم وزراعة الجراثيم من الأقسام المهمة في كل المشافي، والتي يبني الأطباء على نتائجها تشخيص الحالات المرضية، و قد تعدى اختصاص المخابر ليصير في كل المجالات الحياتية.
وفي نهاية كل عام ينتظر الآباء والأمهات بفارغ الصبر نتيجة اختبارات أبنائهم في كل المراحل الدراسية، و الاختبارات صارت مصطلحاً يستخدم كثيراً في الجامعات والكليات العسكرية، وشركات صناعة الطائرات والسيارات ومختلف المعدات و شركات إعداد الأطعمة ، و التي تطلب من خبراء مستأجرين لفحص صلاحية منتجاتها وذلك قبل مرحلة الترويج، وذلك لضمان الجودة حتى تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية.
ولكل متأمل في تاريخنا الإسلامي، أن يستعيد تفاصيل معركة خيبر وجلاء اليهود من الجزيرة العربية إلى غير رجعة، حتى أثيرت نداءات ( يا لثارات خيبر )، ولا تزال مدينة خيبر قائمة في المملكة العربية السعودية لهذا اليوم.
وقد بقي من جذر كلمة ( خبر) كلمة ( المُخابَرَة) وهي المُزارعة وهي الاتفاق في العمل بالأرض مقابل بعض ما تنتج الأرض، و ( الخبير ) هو النبات، كذلك العالِمٌ بالأمر، وفي الواقع نستخدم مصطلح المخابرة للاتصال الهاتفي، والتخابُر التواصل مع دولة معادة بما يضر مصلحة بلد المُتخابِر ذلك نوع من التجسس لصالح العدو.
الاستاذ محمد فتحي مقداد
الكرك \ الأردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق