من شريط الذكريات " القاص أحمد حسين الساعدي "
القاص أحمد حسين الساعدي
~~ من شريط الذكريات ~~
كـم أنتَ بسيـط ايهــا المواطــن العراقــي ...
رحمــكَ الله يـاجــاري ...نعيش هذه الأيام الذكرى العاشرة علىسقوط النظام السابق ومن خلال استعادةشريطالذكريات الخاص بهذا الحدثتذكرتُ جاري(رحمه الله) والذي توفي في العام 2008 ...فأسمحوا لي ان اروي لكم مادار بيني وبينهفي تلك الفتره :عندما بدأت العمليات العسكريه على العراقترك اغلب الناس منازلهم وذهبوا بعيـــداً عنبغداد خوفاً من المجهول .. وكعادته فقد قرروالدي (رحمه الله ) حينها وكما حدث معنافيحرب الخليج 1991 البقاء في المنزل وعدممغادرته حيث لن يصيبنا الا ماكتب الله لناوفيالمرتين كان قراره صائباً ولم يخسر إلا منغادر محل سكناه ...اما جاري وهو رجل بسيط جداً كبير فيالعمر قرر ان يرسل عائلته الى خارج بغـــدادوانيبقى في داره وذلك للحفاظ عليه ولانه رجلكبير في العمر ولايخاف الموت ،، فقد بقيفيالدار ، وكان يحبذ الجلوس في باب الداروالأستماع الى الراديو فهو الوسيله الوحيدهحينهاالتي كنا نستمع من خلالها مايحدث فيالعراق ،، فالحياة معطله ، لاكهرباءولاوســائلاتصال ولاتلفاز ولاشيء سوى رحمة الله ...وكنت كل يوم اخرج من الدار واذهبللجلوس معه نستمع الى آخر الأخبارونتحدث عـــنالعراق وما مر به من ويلات واستمع منهللقصص القديمة فمجالسة الكبــارفي السنلها فوائد كثيرة جداً ...وفي احد الايام وتحديداً في يوم التاسع مننيسان عام 2003 اعلنت الولايات المتحــــدهسقوط نظام صدام حسين وانتهاء حقبهمظلمه من تاريخ العراق ودخول القواتالامريكيــهالى بغداد وهذا ما سمعته عندما كنتاستمع الى الراديو بصحبة جاري (رحمه الله)وبعد لحظة صمت التفت لي وقال بالحرفالواحد (( أسمع أبني أحمد هذا صدام كانماخذالدجاجه وما منطينا منها غير بس الريشفبلكي هذول اللي راح يجونه ويحكمونالعـــراقراح ينطونا من الدجاجه الريش والعظام ))لا اله الا الله .... كم انت بسيط ايها المواطنالعراقي ... عندها وبعد ان سمعت منههــذهالكلمات ابتسمت وقلت له نسأل الله الخيرياعم فنحن شعبٌ مظلوم ...ودارت الايام ومرت السنون وبعد مضي اربعسنوات تقريباً سمعت بأن جاري(الكبيـــرفي السن )قد اشتد به المرض وانه على فراشالموت وهنا قررت ان اقوم بزيارته فـــي دارهالمجاوره لدارنا وعندها جلست بقربهوسألته عن صحته وحاله فابتسم ثم قال :انهــــاالنهايه يا أحمد .. عندها حاولت ان اخففعنه وانسيه المرض قليلاً فسألته مازحـــاًهــلتذكر ياعم عندما كنا نجلس انا وانت ايامالحرب ونستمع الى الاخبار فقال : نعم ..فقلتله وهل تذكر ماقلته لي عندما اعلنوا عنسقوط صدام ودخول القوات الامريكيهالى بغدادفقال نعم اذكر ماقلته لك جيداً ... هنا سألتههل تعتقد ياعم اننا حصلنـــا على الريــــشوالعظــام الأن فابتسم وقال لي بالحرفالواحدوالله ياعمي يا أحمد هذولحتى الريش أخذوه ...وهنا انتهت الحكايه مع جاري وبعد ايامسمعت بأنه انتقل الى جوار ربـه وكان ذلكعــــام2008 دون ان يحصل على الريش والعظامرحمك الله ياجاري رحمك الله ياعم واسكنـكفسيـح جنـانه ...واســأل الله العلي العظيم ان يعم الخيرعلى هذا البلد الجريح وان ينعم اهلهبخيراتـــــهوان يعم الأمن والأمــان في عراق الخيروبغداد السلام ..~~ أحمد حسين الساعدي~~
شكرا لمجلة المرفأ الأخير الألكترونيّة وللقائمة عليها الشاعرة والروائية التونسية عفاف محمد السمعلي.
ردحذف