المبدع ميزوني البناني
إلى الشاعر "عبد الحميد بن ساعي
" نَسْرُ النّخل والجمر
.
تصدير : يقول نزار قباني مخاطبا طه حسين :
" اخلع نظّارتيك ما أنت أعمى / إنّما نحن جَوْقَة العُمْيان"
ـــــــــــــــــــــــ
خُذْ عصاك يا صديقي
وتسلَّقْ مثل ضوْء
شجر اللّيل السّميقِ
بارقا اُرسُمْ ونجْما
للعقيقِ والرّفيقِ ،
ومنارهْ للسّفينِ...
****
ليلنا مرّ المذاق ...
ليلنا تيه عميق
..
في بلد الغاضبين الكاتمين
وعصاك شمس كلّ التاّئهين ...
تعب الوقت الظّنين
كَلَّ كُلُّ الوالغين في دماك
تعب الشّارع ، ملّ السّالكين
ضاق ضيق بمضيقٍ
صمّ آذانا عن اليمّ العميق
تعب الصّبر ، وأنت ما تعبت ،
أيّها الصبّار كم أنت عنيد !
وخطاك ما تلاشت في الزّحام
لا رحيل هدّها لاسراب
وعصاك تنقر الإسفلت نقرا
وتراقصُ الفراشات الجميلهْ
والطّيورَ ومساكينَ المدينهْ
****
تعبتْ كلّ اللّغاتِ
في طلاء وجهها أمّ دَفَارِ (1
بمساحيق الكلامِ
وتصاوير الأحبّهْ
ودموع السّالكين
وظلال الأغنياتِ
تعب البيان من أمّ دَفاَرِ
تعب الشّعر وأنت ما تعبْت
تخلعُ أحزانها كلّ صباحِ،
تُلبِسها سُنْدسا خُضْرا رقيقا،
وخفوتا كخفوت الحوريات.
وعلى مهجتها ترسم خالا من عقيق
ثم تجلسْ والمعرّي عند جسْرٍ
تنظم عربون حبّ
من حرير المفردات
وعناقيد البيانِ
وقلادات الجُمانِ
ابتسمَتْ فجهرَتْك البروق
ثغرها عنقود مُرجانِ
يستضيء ويضيء في الدِّياجي
وإذا ريح الشّمال
نثرتها زَيْزَفونا،
سكَبتها عَطْرَ شَاءَ،
سبَكتها ماتشاء،
وإذا وقّع لحنا
كَعْبُ نعلِها الغزال
كي تميدَ الأرض بِكُمْ
يطرب شيخ المعرّهْ
يتنحنحُ ويجنَحْ إليها
ثم يسألْ مشرئبّ الرّوح إليها :
- هذه الحسناء من ترى تكون يا ابن ساعٍ ؟
- هذه الدّنيا تُغنِّي تتجلّى ..تزدهيك
قُمْ إليها يا معرّي
قم إليها يا رهين المحبسين
- أمّنا الدنيا ؟ خسِست (2
خسّ من يهواك خسّ.
ثم يمضي مبتعِدا
:
يا ابن ساع يا شجوني
اتّصل بي هاتفيّا في سجوني
هذا عنوان مقامي
هذا رقمي
:
أربعةُ ، أربعةُ ، ثمّ تسعه ْ (3
خسّ من يهواكِ جلّ
جلّ من يهواكِ خسّ
****
خذ عصاك وخطاك
يا عميق الخطوات
هي بدرٌ للدِّياجي
أجدب الخطوُ ولاَبَ
وتلاشتِ المعاني
والبصيرهْ طوّحتها
تلك من تعوّدتْ ألاّ تجيء
والبلادُ نخلةُ ،هدأةُ قلبٍ
قد سباها من سباها
والأحبّة القدامى
لا أحد منهم يردّ
أو على اليد يشدّ
من إذا ركبتَ موْجَهْ
شيّعتك بالدّعاء
وإذا اشتهيتَ وردهْ
دثّرتك بالورود ؟
من يُلملِمْ ريش هذه المدينهْ
في الشّتاءات الحزينهْ؟
فانتظرنا عند جسرك هناك
خطوك الخطو وخطوُنا التّلاشي
ومداك العمقُ والسّطح مدانا
( من أوراقي المنسيّة ( 1998
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أمّ دٍفار :اسم يطلقه أبو العلاء المعرّي على الدّنيا للذّمّ.
(2) خسِسْتِ :إشارة إلى قول المعرّي في ذمّ الدّنيا
:
"خسِست ،يا أمّنا الدّنيا ،فأفٍّ لنا ،/ بنو
الخسِيسةِأوْبَاش أخِسّاء
(3) 449: (سنة
وفاة أبو العلاء المعرّي (363 هـ - 449 هـ
====================
ورودي لكم"أختكم عفاف"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق